-A +A
أنمار مطاوع
شبكة الإنترنت أصبحت قارة ثامنة تجمع أكبر عدد من السكان في العالم. وبالتالي، تجمع كل أشكال البشر؛ المتقين والفاسقين.. العلماء والجهلاء.. المصلحين والمفسدين..

ورغم كل جوانب الإنترنت الإيجابية، يظل لها جوانب مظلمة؛ من تلك الجوانب (التحرش الجنسي بالأطفال)، الذي أصبح من القضايا الشائعة في العصر الجديد – في كل مجتمعات العالم -؛ صحيح أن عمره لا يتجاوز عشرات السنين، إلا أنه تفاقم في السنوات الأخيرة لسهولة استخدامات التواصل الإلكتروني وانتشاره.


الهجمة على الجميع.. في كل العالم ينتشر التحرش الجنسي بالأطفال عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والعالم الافتراضي، وغرف الدردشة، والإعلانات الإلكترونية.. وحتى عبر التعليقات المخلة بالآداب على الصور والمواقع الشخصية.

مجتمعات العالم أدركت أن صداع الليلة الصاخبة سيأتي لا محالة. فبدأت بتنظيم برامج تعليم كيفية التحدث للأطفال عن أخطار التحرش الجنسي الإلكتروني العابر للقارات.

في التصويت الذي أجراه الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، الذي نظمته وزارة الداخلية السعودية (وهو تصويت تم على شريحة من نخبة المثقفين والمتخصصين)، وجد أن (30%) تقريبا من العينة لم تحدّث أبناءها مطلقا عن كيفية الوقاية من التحرش الجنسي، و(11%) لا يهتمون أساسا بالموضوع، و(18%) فقط تحدثت مع أبنائها عن التحرش الجنسي – دون تحديد الكيفية: (.. قد تكون ضخمت الموضوع.. مما يؤدي لنوع من الرّهاب..) كما جاء في نتائج الملتقى.

الحديث عن الجنس من المحرمات الاجتماعية على مستوى الشرق الأوسط بشكل عام، خصوصا في المجتمعات المحافظة شكليا، إذ من المخجل أن يفتح أحد الوالدين موضوعا كهذا مع أحد أبنائه أو بناته. فإذا كنا نعول على الوالدين في الحديث لأطفالهم عن قضية (التحرش الجنسي الإلكتروني) الشائكة، فنحن في مأزق. أولا، أولياء الأمور لا يعرفون الآلية التي يجب أن يتحدثوا بها في موضوع التحرش الجنسي؛ ويخشون من النتائج السلبية. وثانيا، قد لا يتوافر الوقت المناسب لهم لفتح مثل هذا الموضوع.

المدرسة هي المكان الأمثل لطرح هذه القضية الحساسة اجتماعيا. في اجتماعات مجالس الآباء والأمهات يجب أن يُطرح لهم الموضوع لأخذ موافقتهم على التحدث في القضية بالآلية التربوية الصحيحة داخل الفصل، وتنبيههم إلى كيفية التعاطي مع القضية لو سألهم أحد الأطفال عنها في المنزل.

الظاهرة موجودة ويجب التعامل معها بالتوعية والتنوير، والمكان الآمن في مجتمعنا المحافظ للقيام بهذا الدور.. هوالمدرسة.